الذكاء الاصطناعي لازال هو أكثر المواضيع التي تلفت الانتباه الآن والتي تُقلق البعض من ما قد يحدث بسبب تقديم مزايا عديدة وامكانيات رهيبة يستطيع بها الذكاء تقديم خدمات والقيام بمهام يعمل بها البشر، مواضيع الذكاء الاصطناعي لازالت تزدهر والحديث عنها لن ينتهي بسهولة، في هذا المقال نريد ان نتحدث عن أحد المجالات التي من شأن الذكاء تغيير عالمها وتحسينها الا وهو مجال البرمجة، كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تغيير هذا العالم؟
1- الذكاء الاصطناعي اسرع وأدق
فكرة ان تقوم بعملية “تسريع البرمجة” مبنية على عدة عوامل متنوعة، مثل الوقت المطلوب لإطلاق السوفتوير، والوقت المطلوب لإجراء تغييرات او استعادة الخدمة، كل هذه العوامل هي عوامل مبنية على الوقت الخاص باتمام عملية البرمجة، لديك مهمة معينة او خدمة معينة تقوم بإجراء تغييرات وتعديلات عليها، فالوقت الذي تأخذه في التعديل ومن ثم في المراجعة وبعدها الاختبار، كل هذه مهام يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة بها، الاختبارات مثلًا يمكن للبرنامج الذي يساعدك ان يقوم ببدأ الاختبارات بشكل تلقائي على البرنامج المكتوب، بدلًا من ان تنتظر حتى تنتهي من البرنامج ومن ثم تبدأ باختبار كل عمليات البرنامج بشكل يدوي، الفكرة ان هذا ليس أسرع فقط بل هو أكثر دقة ويلاحظ أخطاء أكثر من التي يمكن لك ان تلاحظها ويمكنه ان يجرب سيناريوهات أكثر من التي يمكن ان تتوقعها، أحد الأشياء التي تفكر بها كمبرمج ان كان سيقوم العميل بتجربة مهمة معينة وعليك اختبارها ام لا، يجب ان تلاحظ كل السيناريوهات الخاصة بالعميل؛ لأنك ان سقط منك سيناريو معين ستكون هذه مشكلة.
هذا الأمر ضروري لضمان جودة البرنامج “المنتج” الذي يخرج منك كمبرمج ان كان بأقل عدد ممكن من الأخطاء ام لا، فأهمية الذكاء الاصطناعي هنا هو تحقيق المعادلة الصعبة بين زيادة السرعة وزيادة الجودة وضمانها، الفرق بينك وبين الآلة هنا هو السرعة التي يمكن للآلة العمل بها بأقل عدد من الأخطاء، لذلك استعمال الذكاء الاصطناعي مع المبرمجين صار أمرًا حسنًا لتقليل الوقت الضائع والتعامل مع المهام المتكررة التي كنت تقوم بها بشكل يدوي والتأكد من عدم وقوع أي أخطاء، غير قدرته على كتابة الكود أيضًا.
2- تغيير وظيفة المطورين والمبرمجين
ما هي مهمة المبرمج الآن؟ او ما هي مهمته قديمًا؟ ان يجلس امام جهاز الكمبيوتر ويقوم بكتابة الكود كله واختباره، هذا باختصار هي مهمة المبرمج التقليدية التي كنا نعرفها، بوجود الذكاء الاصطناعي تحول الأمر من الكتابة الى الإشراف عليها واكمالها، لتفهم قصدي هنا أريدك ان تتخيل ما المهام التي يجب ان تقوم بها من أجل تصميم الصفحة الرئيسية لموقعنا، ستريد ان تُقسم الصفحة الى جدول بخانات مختلفة ومتباينة، هذه الخانات ستحمل المواضيع التي يمكنك الدخول اليها، بعد التقسيم ستبدأ بكتابة الكود لتحديد أبعاد كل خانة وتعاملها مع الفأرة وربطها بباقي صفحات الموقع، هذا الجزء من البرمجة هو الجزء السهل، لكن هناك معضلات أكثر تعقيدًا في الصفحة كأن يتم ربطها بالقائمة المُخصصة للكتاب في الموقع، وظيفة الذكاء الاصطناعي هنا ان يدخل هو للمهام السهلة المملة، بينما يقوم المبرمج بنفسه بالمهام الصعبة الأكثر تعقيدًا.
باضافة المهام السهلة للذكاء يترك ذلك للمبرمج الوقت في ان يقوم هو بالمهام الأصعب بالتالي يُركز عليها بشكل أكبر ويستطيع اخراج النتائج المطلوبة بدقة أعلى، وهنا ستطرح علي السؤال، اليس ذلك طريقة لأن نستبدل المبرمج؟ بالعكس فإن اضافة الذكاء الاصطناعي الى البرمجة سيجعل الشركات تطلب مبرمجين جدد؛ مبرمجين يستطيعون التعامل معه للخروج بنفس النتائج المرجوة، بالتالي تغيرت وظيفة المبرمج من شخص يجلس على جهاز الكمبيوتر الخاص به ليكتب الكود الى شخص يُشرف على برنامج يكتب له الأكواد ويحل المعضلات البرمجية والمهام المُعقدة، ولازالت البرمجة عالمًا معقدًا لا يمكن للذكاء استبدال الانسان به.
3- اتخاذ القرارات الاستراتيجية
كيف تتخذ أي قرار يخص عملك؟ في الشركات وفي الأعمال يتم اتخاذ القرارات بناء على احصائيات ومعطيات تحصل عليها كمتخذ للقرار، بربط هذه الإحصائيات بمفترق الطرق الذي تجلس أمامه يمكنك اتخاذ القرار الأقرب للصواب والذي ستأمل بأنه سيحقق المرجو منك، بنفس المقياس في عالم البرمجة، ان كان الذكاء الإصطناعي مُدربًا على العمل الذي تقوم به يمكنك ان توكل اليه مهمة اتخاذ القرارات الخاصة بهذا العمل، وهنا أتحدث عن القرارات التي لا ترتبط بالنفسية البشرية، بل القرارات التي تختص بأمور مهمة في البرنامج الذي تكتبه؛ لن تطلب من الذكاء الاصطناعي القيام باتخاذ قرار بشأن مكان زر التسجيل هذا شيء يرتبط بالراحة لدى البشر، لكن كيف سيجعل البرنامج يؤدي هذه المهمة هذا أمر ستحتاج فيه الى المساعدة، وهذا هو أول طريق للذكاء.
الطريق الثاني وهو ان يُساعدك، وهذا شيء يجب ان تلاحظه من كلامنا عن الذكاء الاصطناعي في أنه مُساعد لا مُستبدل وقد تحدثنا عن ذلك في مقال سابق، كونه مُساعد فهو يحتاج منك الى بعض المعلومات؛ ان لم يكن الروبوت الذي يُساعدك مُدركًا للعملية الكاملة التي تقوم بها لن يستطيع اتخاذ القرار بدلًا عنك، بل يجب عليك ان تزوده بكل المعطيات الخاصة بعملية اتخاذ هذا القرار، ومنها يستطيع البرنامج اخبارك بالنواتج التي ستنتج من كل الأفكار التي تطرحها ومنها تستطيع انت ان تختار الطريق الأنسب نواتجه، فصار اتخاذ القرارات أمرًا سهلًا عليك.
4- إدارة الأخطاء
كما قلنا في وقت سابق الذكاء يتعلم منك، كلما علمته كلما تحسن وهذا يظهر بشكل كامل في إدارة الأخطاء، عندما تزود الذكاء بالأخطاء واحصائيات التطوير السابقة يمكنه ان يقوم بمتابعة الأكود واكتشاف الأخطاء التي ستظهر ومساعدتك اصلاحها وانت لازلت في مرحلة التطوير مما يساعدك في توفير الكثير من الوقت قبل اطلاق المشروع نفسه، وبعد اطلاق المشروع نفسه يمكن لفكرة الذكاء الاصطناعي ان تدرس المشروع بعد الإطلاق وتحدد الأخطاء المتنوعة وتعيد اصلاحها ومراجعة كل ما هو غريب في النظام الذي عملت عليه.
أهمية إدارة الأخطاء بشكل عام مقترنة بالمشروع الذي تقدمه، ان كنت تقدم برنامج يقدم خدمة معينة او تقدم خدمة مبنية على منصة سحابية فالأمر ضروري لأقصى الدرجات بسبب ان هذا المشروع مُسجل عليه زيارات واقبال ارقام كبيرة من المستخدمين في الدقيقة، بالتالي انت تتحدث عن دقيقة تساوي المال، أي خطأ يجب على المبرمج ان يقوم بإصلاحه بشكل يدوي بعد ذلك وهذا أمر يستهلك الوقت والمجهود، ناهيك عن الوقت الذي تستهلكه في اكتشاف هذا الخطأ، لذلك الذكاء الاصطناعي مُساعد في إدارة الأخطاء لأنه سيجعلك تتداركها وتحلها بمجهود أقل.
5- التنبؤ بالمطلوب بشكل أدق
من المعضلات التي تواجهها كمبرمج هي ان تحدد المدة الزمنية التي تحتاجها لأن تقوم بتنفيذ أي مشروع والتكلفة الإجمالية له، لكن ان كان لديك برنامج ذكاء اصطناعي مُدرب على بيانات سابقة ولديه معرفة عنك وعن المشاريع التي تقوم بها بالتفصيل فيمكن استغلاله في هذه الحسابات، وسيكون هو أدق منك في التنبؤ بهذه المعلومات، لتستطيع انت الاقرار بما تحتاج من وقت ومجهود وتكلفة اجمالية للوصول الى المطلوب، هذا الأمر يحتاج الى دقة والى معرفة والى خبرة بالمشاريع هذا ما يمكن تدريب الذكاء عليه.
بدون الذكاء فالأمر صعب، تصور ان تعطي ميعادًا لتسليم المشروع وتجد نفسك تعاني لا تستطيع الوصول الى المطلوب من أجل هذا المشروع، تجد ان الوقت ضيق او ان هناك عقبات لم تتوقعها، الذكاء يتوقعها لك ويخبرك بأنك ستواجهها، بدون هذه المعلومات لا تستطيع تحديد ما ان كنت ستقبل المشروع ام لا، لكن يجب ان تدربه على هذه الأعمال بدون تدريب لن تستطيع الوصول الى النتائج المرجوة.
6- الوصول الى رأي العملاء بشكل مباشر
يمكنك استغلال الذكاء الاصطناعي في أن تحصل على رأي العملاء بشكل مباشر وحقيقي، موقعنا على سبيل المثال يمكن ان نستغله في معرفة الوقت المتوسط لكل زائر داخل الموقع وكم من الوقت يقضي بداخل الموقع وكيف يبحث بداخله وما الأدوات التي يوجد بها مشاكل لا تجذب الزائر، كل هذه التحليلات مهمة، في أي منظمة فردود الفعل ورأي العملاء مهم، بدونه لا يتحقق نجاح المنظمة نفسها، استغلال الذكاء الاصطناعي هنا مهم للغاية.
المستقبل مصاحب للذكاء الاصطناعي
سأذكرك بما قلت، المستقبل ليس للذكاء الاصطناعي وحده، لن اقوم بفصلك لأقوم بتعيين برنامج يؤدي مهمتك، بل سأفصلك لتعيين شخص يستطيع استغلال هذا البرنامج، وهذا هو المستقبل، المستقبل في استغلالك للتطور التقني الموجود لتُحسن من وظيفتك وتُحسن من عملك وتبتكر وتبني عالمًا أفضل، لا ان تجلس في مكانك لا تحاول ان تواكب العصر، المستقبل ليس للذكاء، بل هو لك وانت تصاحبه.
لا يفوتك: أفضل 7 أدوات تستعمل الذكاء الاصطناعي تساعد المصممين