من كان يظن أن حفل مايكروسوفت سيكشف أمام كاميرات العالم، الوجه الآخر لهذه الشركة العملاقة — الوجه الذي طالما حاولت أن تخفيه تحت طبقات من العروض التسويقية البراقة؟! في مشهد لا يقل عبثية عن تسويق الموت على أنه تقدم، وقف موظفي شركة مايكروسوفت أنفسهم ليصرخوا في وجه إدارتهم عديمة الضمير: “كفاكم تجارة بالدماء!”.
حفل مايكروسوفت الذي كان من المفترض أن يكون استعراضًا للذكاء الاصطناعي وإنجازاته، تحول إلى ساحة اعتراف جماعي، نعم، اعتراف وإن كان قسريًا بأن التقنيات التي يُفترض أن تخدم البشرية، باتت وقودًا يُشعل به الجيش الإسرائيلي حربه على الاطفال والنساء الأبرياء، متظاهرة مؤيده للفلسطينيين لم يحمل فقط صوتها، بل حمل ضميرها كل من رأى الحقيقة وأبى أن يصمت فى وجه هذه البشعة، فبينما كانت الشركة تتفاخر بخطابات المستقبل الذكي، كانت صرخات ودماء الضحايا تعلو فوق كل خطاب.
في لحظة فارقة، سقطت الأقنعة. مايكروسوفت — التي لطالما قدمت نفسها كقوة للخير العالمي — ظهرت كمنصة صامتة لدعم الحرب الإسرائيلية المجحفة فى حق أطفال ونساء فلسطين، لم تكن مصادفة أن يُلقى وشاح الكوفية الفلسطينية على خشبة المسرح، بل كان إسقاطًا لرؤية قناع مدى دموية هذه الشركة الملعونة؛ تكنولوجيا مغلفة بالقتل، وأرباح مغموسة في معاناة دعم الشعب الفلسطيني.
في هذا الحفل البائس، لم تكن القضية مجرد احتجاج موظفين، بل كانت صرخة مدوية في وجه النفاق العالمي والصمت والخزى الذى أحتل أرواحنا، صرخة تقول للعالم بأسره؛ خلف بريق الابتكار يوجد دماء الأبرياء، وعلى كل شاشة في شركة مايكروسوفت تومض إشعارات موت إلى غزة وبيروت وكل الدول التى تم تدميرها بحجة التطوير، أنها نهايو العالم الفاسد الذى يخفى نفسه فى قناع التكنولوجيا، أنتهت الرحلة نحن نرى ما تفعلوا ولن نقف مكتوفى الايد بعد الآن.
بداية الاحتجاج كوفية على مسرح مايكروسوفت
في خضم الاحتفال بمرور خمسين عامًا على تأسيس شركة مايكروسوفت، وبينما كان المدير التنفيذي للذكاء الاصطناعي مصطفى سليمان (والذى هو من أصول عربية يلا السخرية) يعرض رؤيته المستقبلية المبهرجة لخدمة “Copilot”، ظهرت الحقيقة على المسرح… لكن هذه المرة، جاءت في شكل متظاهرة مؤيده للفلسطينيين!
This is the moment a protester interrupted Microsoft’s live Copilot AI event. pic.twitter.com/QB7TxFCbqu
— Zac Bowden (@zacbowden) April 4, 2025
بين التصفيق والابتسامات التي زيّنت حفل مايكروسوفت، اقتحمت الموظفة إبتهال أبو سعد المسرح صارخة: “مصطفى، عار عليك! تدعي أنك تستخدم الذكاء الاصطناعي للخير، بينما تبيع مايكروسوفت أسلحة ذكاء اصطناعي للجيش الإسرائيلي.” لم تكتفي بالكلمات فقط، بل ألقت بالكوفية الرمز الخالد لـ دعم الشعب الفلسطيني على المسرح مايكروسوفت، وكأنها ترمز إلى الحقيقة الثقيلة التي تحاول الشركة الهروب منها والتى عقولنا تحاول إخفائها.
رد سليمان بطريقة باردة للغاية كما لو كان يعلم جيدًا أن هذا سوف يحدث يومًا ما، قائلًا: “أسمعك.” لكن إبتهال أبو سعد، التي تمثل صوتًا صارخًا من داخل شركة مايكروسوفت نفسها، أكملت: “مايكروسوفت ملطخة بالدماء!”، قبل أن يتم إخراجها من القاعة.
سلسلة احتجاجات داخل حفل مايكروسوفت
وكأنها شرارة أشعلت وقودًا كاملاً، جاء دور موظفة أخرى فانيا أغراوال، التي قاطعت فقرة كان فيها ثلاثة من عمالقة الشركة (وأكبر شياطين مؤيدين للكيان الصهيونى) : بيل غيتس، وستيف بالمر، وساتيا ناديلا، المشهد بدا أشبه بمسرحية سوداء، حيث اجتمع كبار القادة لأول مرة منذ سنوات ليجدوا أنفسهم في قلب أزمة أخلاقية عالمية، تظهر وجوهم الحقيقة لأول مرة على الاطلاق.
لم تقتصر الاحتجاجات على داخل القاعة فحسب، بل حتى خارج مكان حفل مايكروسوفت تجمع عدد من الموظفين الغاضبين، مما أعطى القضية طابعًا عالميًا وأثار المزيد من الأسئلة حول دور الشركة في النزاعات العسكرية.
دعم مايكروسوفت لإسرائيل، كيف بدأ؟ وكيف توسع؟
لمن يتابع عن كثب، لن تكون هذه المفاجأة سوى اختفاء الغيوم لكى تظهر الشمس واضحة للجميع، يكفى تزيفًا للحقائق لقد تعبنا من رؤية أشلاء الاطفال والنساء، صرخة مرأة مناضلة فى وجه مؤيدى الكيان توضح حقائق أغمضنا أعيونا عنها طوال هذا السنوات، لكى يرتاح ضمائرنا ونعيش فى هدوء ولكن يكفى تضحية بأطفالنا و نسائنا.
بدأت شركة مايكروسوفت علاقتها مع إسرائيل منذ سنوات طويلة، بحجة “دعم الابتكار وتطوير البنية التحتية الرقمية”، لكن الحقيقة كانت أعمق واقسي بكثير، فإن شركة مايكروسوفت إلى جانب OpenAI زودتا الجيش الإسرائيلي بنماذج ذكاء اصطناعي متقدمة استخدمت ضمن برنامج عسكري لاختيار أهداف القصف في غزة ولبنان، نعم، الذكاء الاصطناعي الذي نحتفي به لقدرته على كتابة نصوص ذكية ومساعدة المستخدمين، بات يُستخدم لتحديد أهداف بشرية!
ليس هذا فحسب، فقد وثق التقرير غارة إسرائيلية خاطئة عام 2023، استهدفت سيارة لعائلة لبنانية، وأسفرت عن مقتل ثلاث فتيات وجدتهن. حادثة واحدة من بين سلسلة من الاستخدامات التي تطرح تساؤلات صادمة حول المسؤولية الأخلاقية للشركات التكنولوجية العملاقة.
وأخيرًا مايكروسوفت تظهر حقيقتها
في فبراير الماضي، طُرد خمسة موظفين من اجتماع داخلي مع ساتيا ناديلا بسبب احتجاجهم على هذه العقود الملوثة بالدماء، أما ما حدث في حفل مايكروسوفت فكان أكثر علانية بكثير، مع بث مباشر يجعل من الصعب على الشركة طي صفحة الاحتجاج بهذه السهولة.
وفي بيانها الرسمي، حاولت شركة مايكروسوفت تبني موقف متوازن، قائلة: “نوفّر العديد من السبل لسماع جميع الأصوات، لكننا نطلب أن يتم ذلك دون تعطيل الأعمال.”
تصريح قد يبدو مهذبًا، لكنه يحمل في طياته رسالة واضحة: يمكنك الاحتجاج… فقط عندما لا تزعج صورة الشركة أمام العالم أو بمعنى اخر يمكنك الاحتجاج فى غرفتك لوحدك بدون ازعاج!
لاحقًا، أكدت الموظفتان إبتهال أبو سعد وفانيا أغراوال أنهما فقدتا إمكانية الوصول إلى حساباتهما الوظيفية بعد الاحتجاج، في إشارة صريحة إلى احتمال فصلهما دون تصريح رسمي، فى دول تتسم بالانسانية فى أكثر مكان يدعى أنه أكثر بيئة إيجابية متواجدة فى العالم كله، يلا سخرية القدر.
دعم الشعب الفلسطيني من داخل مايكروسوفت
ما يلفت الانتباه هنا ليس فقط شجاعة المتظاهرة المؤيده للفلسطينيين الذي قاطعت حفل مايكروسوفت، بل التحول المتزايد بين موظفي التكنولوجيا أنفسهم للوقوف مع القضايا الإنسانية،
هؤلاء الذين صمموا أحدث تقنيات العالم، أصبحوا اليوم أصواتًا تدعو إلى وقف استخدام إبداعاتهم في دعم الأنظمة القمعية والقتل الجماعي، مؤكدين أن التضامن مع دعم الشعب الفلسطيني يجب ألا يظل مجرد شعار، بل يصبح موقفًا عمليًا داخل كبرى الشركات.
هل ستستمر مايكروسوفت في دعمها أم تغير المسار؟
يبقى السؤال الأكبر بلا إجابة حتى الآن: هل ستواصل شركة مايكروسوفت تعاونها مع الجيش الإسرائيلي خلف الكواليس، أم أن الضغوط الداخلية والخارجية ستدفعها أخيرًا إلى مراجعة سياساتها؟
ربما كانت أحداث حفل مايكروسوفت مجرد بداية، فبينما تحاول الشركة استعراض عضلاتها التقنية، فإن موظفيها يذكرونها بأن هناك أخلاقيات لا يمكن للذكاء الاصطناعي مهما تطور أن يطمسها.
في حفل مايكروسوفت، لم يكن السؤال: كيف نخدم البشرية؟ بل: كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي لكى تختار موتك، فالاناقة والاتيكت فى كل شئ حتى فى الموت وهذا ما قدمته لنا مايكروسوفت، وهكذا، تثبت الشركة للعالم أننا لا يجب أن نخاف من الذكاء الاصطناعى الذى ممكن أن يحتل العالم بل من البشر الذى يتحكموا فيه، وهم ويرتدون بدالات مصممة خصيصًا لهم من أفضل دور الازياء، لكى يخفى دماء أطفالنا ونسائنا الابرياء دمتى حرة يا فلسطين.