أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات قد تشهد موجة تضخم كبيرة للفترة المقبلة، ذلك يرجع الى مشاكل سببها فيروس كورونا المستجد الذي انتشر في العالم منذ ربع عام 2020 الأول، وقد نعاني في نصف 2021 من زيادة في أسعار كل الرقاقات بسبب نقصها وقلتها في السوق، نتيجة لمبدأ العرض والطلب، فنحن لدينا الآن انتاج قليل من الرقاقات مع وجود طلب عالي عليها أيضًا، هذا سيؤدي الى زيادة سعر الرقاقة الواحدة، وأي منتج يعتمد على أي رقاقة بعدها طبعًا، تضخم الأسعار الفترة القادمة لن يكون بشكل دائم، ستنخفض في النهاية، لكن نحن أمام معضلة سنمر بها في نصف عام 2021، قد تستمر الى بعد هذا العام او تختفي، في هذا المقال سنحاول أن نعرض الأمر من ناحية اقتصادية ومن ناحية تقنية، وسنجاول طرح السيناريوهات المُحتملة لما سيحدث لأسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات، وهل أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات ستتأثر بشكل هائل ام اننا امام زيادة بسيطة؟ هذا ما سندرسه في هذا المقال.
نقص الرقاقات الإلكترونية في العالم
قبل أن ندرس زيادة أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات يجب أن ندرس فكرة مهمة، كيف أثر فيروس كورونا على الصناعة؟ الفيروس الذي أجبر ما يقترب من جميع المصانع والشركات على الإغلاق التام، نعم هذا ما حدث، أوقف كل شيء، أوقف الإنتاج وأوقف الصناعة كلها تقريبًا، نعم نحن أمام أزمة حقيقية، إيقاف الإنتاج يعني ان الشركات الكبيرة في مجال الإلكترونيات لن تحصل على دفعات الرقائق التي تحتاجها، لنأخذ مثالًا على واحدة من أكثر الشركات إصدارًا للهواتف في العالم، شركة شاومي Xiaomi، اذا بدأنا في تجميع وتسجيل المعالجات التي تستعملها الشركة سنجد أننا نحصر معالجات من فئات Snapdragon 400 الى فئة 800 وقد نجد من كل فئة معالجين او ثلاثة مستعملين في هواتف شاومي.
لنأخذ مثالًا؟ في عائلة Redmi Note 10، لدينا النسخة العادية من Redmi Note 10 بمعالج snapdragon 678، معالج من فئة 600، بينما Note 10 Pro فهو بمعالج Snapdragon 732G الذي هو من فئة 700، ولدينا في نفس السعر تقريبًا هاتف Poco X3 بنفس المعالج، وفي سعر قريب منه لدينا Xiaomi Mi 10T Lite بمعالج Snapdragon 750G، نحن نعد 3 معالجات منهم واحد قد تم تكراره في نطاق تسعير الفرق بين بدايته ونهايته 3000 جنيه، بل قد نرى Snapdragon 870 قريبًا في سعر قريب أيضًا، فئة أخرى قد انضمت لنفس النطاق، اذًا لديك شركة مثل شاومي وحدها تستعمل الكثير من المعالجات، تصور ان قلنا لشاومي معذرة سنقلل من كمية المعالجات التي ستحصلين عليها، فاما ان تعرض شاومي سعرًا أعلى في المعالج لتحصل عليه، او تقلل من انتاجها للهاتف، وكلنا نعلم ماذا يحدث ان كان انتاج هاتف ما منخفضًا ولم تتوفر وحداته بشكل جيد.
Redmi note 5 والسوق السوداء
ان كنت متابعًا لأسعار الهواتف المحمولة في عام 2018 ستتذكر هذه المشكلة، هاتف Redmi Note 5 اُطلق في مصر بعد تشويق عالي، الشركة وقتها ظلت تمجد في هاتف كان من المفترض ان يُعد طفرة في كاميرات شاومي، حيث كانت هذه أول معضلات شاومي في مصر، الكاميرات التي لا ترقى لمستوى المنافسة، بعد ذلك؟ قدمت الهاتف بكاميرات رائعة، وبسعر ان تتذكر لم يتخطى الـ4300 جنيه، تحديدًا 4222 جنيه مصري، لكن للسوق السوداء رأي آخر، الهاتف لم يصدر بكميات مناسبة للطلب، كان الطلب على الهاتف أكثر من المطروح، بالتالي تسبب ذلك في زيادة سعر الهاتف بداخل السوق السوداء لدرجة ان أحد أصدقائي اشترى هذا الهاتف بسعر 4800 او 4600، هذا بسبب ضعف عدد الوحدات المطروحة في السوق، السوق السوداء جعلت صديقي يشتري الهاتف أغلى 600 جنيه تقريبًا بسبب انه يريد هاتفًا جديدًا، بعد عام من اطلاقه أخبرني بكم من المال ستستطيع بيع هذا الهاتف؟ الهاتف سعره رسميًا 4222 جنيه وعندما تريد إعادة بيعه بعدها بعام أصبح سعره 2500 جنيه عندما تريد بيعه مستعملًا، بسبب سياسة إغراق السوق الخاصة بشاومي هذا ان كان حظك جيدًا، وانت اشتريته جديدًا بسعر 4800 جنيه مصري. هذا ما تفعله السوق السوداء بالأسعار، ترفع سعر الشراء بشكل مرتفع، وان جئت لتبيع فستبيع بخفض السعر الرسمي فقط. واذا كان الإنتاج ضعيفًا فستزداد أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات في السوق السوداء بعد ذلك.
كيف ستتأثر أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات بسبب أزمة الرقاقات
تصنيع أشباه الموصلات في أزمة الآن وذلك يرجع الى توقف الإنتاج نتيجة تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، توقف الإنتاج يعني ان الشركات لن تحصل على عدد الشحنات المطلوبة من أشباه الموصلات -الرقاقات والمعالجات- في مواعيدها، بالتالي ان كانت الشركة تُخطط لإطلاق هاتف ما بعدد وحدات ولنقل مليون وحدة فإن المصنع قد لا يستطيع تغطية طلبات الشركة من المعالجات، بالتالي هذه المليون وحدة لن تصدر بسهولة، او ان ارادت الشركة ان تصدر المليون وحدة فعليها ان تصبح أولوية المصنع وبما ان الإنتاج ضعيف والطلب عالي فالسعر سيزيد هذا هو مبدأ وقانون العرض والطلب، واذا كانت الشركة تريد ان يكون لها الأولوية فعليها تجهيز سعر أعلى لتصبح هي أولوية المصنع في الإنتاج.
قانون العرض والطلب
ليست أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات فقط التي تستند او تتبع هذا القانون بل كل شيء في حياتنا، بداية من زجاجة الماء يمكن ان تخضع لهذا القانون بسهولة، فكرة قانون العرض والطلب هي حساب قيمة طلبات المستخدمين لمنتج معين، ولنقل انه كيلو من السكر مثلًا، انت بائع لديك 100 كيلو من السكر، وهناك 100 مشتري لهذا السكر كل مشتري يريد كمية معينة، لكن المشتري لا يريد كيلو واحد فقط بل يريد أكثر من ذلك، فماذا ستفعل؟ ستبيع بسعرك الطبيعي انت كبائع غير متضرر، لكن المشتري متضرر فسيعرض لك سعرًا أعلى، اذا كان الكيلو بعشر جنيهات فهذا المشتري سيشتري بـ15 جنيهًا للكيلو الواحد، ومشتري آخر سيعرض 20 جنيهًا، ذلك يرجع الى ان الكمية المعروضة للبيع أقل من الكمية المطلوبة للمستهلكين، وانت كبائع ستتمكن من الربح نعم ستبيع بـ15 لهذا و 20 لهذا لا خطأ هنا، لكن السعر؟ اترفع بشكل كبير بسبب الإقبال وقلة الإنتاج. وهذا ما يمكن تطبيقه على أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات أيضًا.
زيادة أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات – ماذا سيحدث؟
الآن كما قلنا لدينا أزمة في أشباه الموصلات بالتالي لتحصل على نفس الكمية يجب ان تبحث عن أكثر من مورد للمعالجات والرقاقات التي تحتاجها، بالتالي ستدفع أموالًا أكثر لتستطيع تغطية هذه الكمية، بالتالي ستزيد من سعر القطع التي تبيعها، الهاتف الذي كان سعره 1000 دولار سيزيد عن ذلك السعر، وهذا ما قد يؤدي الى الاضطرار الى الغاء هواتف معينة، او حتى تحجيم الأسواق التي ستنتشر اليها الشركة، وهناك ضحايا كثر هذا العام لموجة الإلغاء، قد نرى هواتف عملاقة تختفي هذا العام، يمكن أن اذكر بعض الحالات التي يمكن ان يتم الغائها او شكل الناس انها لن تصدر في الأساس
Google Pixel 5a كان يمكن الا يصدر
اول هاتف كان يمكن ألا يصدر هو هاتف جوجل المتوسط الجديد الذي انتشرت أخبار كثيرة عنه بأنه لن يصدر الى الأسواق ولن تنتجه جوجل هذا العام، اطمئنك لن يختفي هذا الهاتف، لكن جوجل نفت هذه الأخبار، الهاتف سيصدر بالفعل لكن للأسف الهاتف سيصدر في السوق الأمريكية وسوق اليابان فقط، وفي الأغلب سيكون الهاتف بعدد شحنات ضعيف لن تنشره الشركة حول العالم بسهولة، وسيكون انتشاره ضعيفًا عكس Pixel 4a 5G وPixel 5، لكن على العموم هذا هاتف مشابه للـPixel 4a 5G ليست معضلة كبيرة، لكنه اول الهواتف التي تتضرر من ضعف توريد أشباه الموصلات، وبدلًا من ان تزيد أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات من جوجل، فجوجل قررت تقليل الانتاج.
Samsung Galaxy Note 21
نعم نعم نعم هذا الهاتف سيتضرر، او قد لا يظهر أساسًا وقد تعلن سامسونج انه لا فئة نوت هذا العام، نعم لا نوت هذا العام، فئة هي الأمثل في عالم الهواتف المحمولة، فئة هي الأعلى في أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات بحق وتستحق ما تدفعه فيها، كل مليم تدفعه يترجمه هذا الهاتف الى جودة أداء ومزايا، هذا العام النقص في إنتاج أشباه الموصلات قد تؤدي الى موت هذه الهواتف هذا العام، قد لا نرى سلسلة نوت لتستطيع سامسونج إصدار هواتفها القابلة للطي، ولإصدار وحدات Galaxy S أخرى، وتغطية الطلب الكبير على هواتف سامسونج.
Samsung Galaxy Fold Lite
نعم انت قرأت الكلام بشكل صحيح هناك جالاكسي فولد مُخفف بمواصفات أقل، كانت تنوي سامسونج إصداره مع Galaxy Z Fold 3 و Galaxy Z Flip 3 -او 2 أيًا كان اسمه- ولكن هذا لن يحدث، فهناك تقارير عديدة تُشير الى ان سامسونج ستلغي هذا الهاتف هذا العام، كنت آمل ان أرى هذا الهاتف لأنه قد يكون أول هاتف قابل للطي وبسعر رخيص وخفيف من سامسونج، لن نرى هذا الهاتف هذا العام، وذلك بنفس هذه الأزمة، لا يوجد أشباه موصلات كافية من أجل تزويد هذا الهاتف، فإما ان تصدر سامسونج هواتف أقل او نتعرض الى زيادة في أسعار الهواتف المحمولة من الشركة، وجيد ان سامسونج تفضل الخيار الأول في هذه الحالة. فبدلًا من ان تزيد أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات من سامسونج تُفضل سامسونج ان تقلل انتاجها.
زيادة أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات وضعف إنتاج أشباه الموصلات – ماذا بعد؟
الأمر في الأغلب سيكون مؤقتًا، لأنه خلال فترة قد تعود المصانع الى قدراتها الإنتاجية الطبيعية، وقد نرى عودة المياه الى مجاريها من جديد، بمجرد عودة مستويات الإنتاج الى طبيعتها لن تحتاج الشركات للضغط للحصول على الرقاقات التي تحتاجها، لأنها ستكون متوفرة، وبالتالي بتطبيق قانون العرض والطلب هنا فالإنتاج مرتفع والطلب متزن، السعر سيبدأ في النزول حتى يثبت في حالته الطبيعية، ومن ثم ستتمكن الشركات من العودة الى مستويات الإنتاج الطبيعية، وإصدار هواتفها كما كانت تفعل كل عام. لكن من نحن لنتحدث عن ذلك سنحاول تقديم بعض الدراسات وبعض التوقعات والإحصائيات من بعض المواقع المتخصصة، هل يتوقع الخبراء انخفاض أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات بعد 2021؟ سأختصر بأن اقول نعم أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات ستنخفض في 2021.
زيادة أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات وضعف إنتاج أشباه الموصلات – احصائيات
كما هو معروف فإن لدينا مجموعة من الشركات لإنتاج الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، من أكبرهم شركة TSMC التي تنتج 56% من إجمالي أشباه الموصلات حول العالم، يليها شركة سامسونج بإنتاج 18%، وشركات أخرى تحتل النسبة الباقية، من هذه الشركات شركة AKM اليابانية التي تنتج نسبة كبيرة من رقائق السيارات الإلكترونية في مصنع Renesas، يمكن ان نأخذ هذه الأمثلة الثلاثة كنوع من التعبير عن الأزمة التي نمر بها الآن، فبداية من TSMC التايوانية فتايوان تعاني من جفاف كبير نوعًا ما، مما يؤدي الى ضعف الإنتاج لاحتياج المصانع الى الماء من أجل إنتاج الرقاقات، من ناحية شركة كسامسونج فهي تنتج وتستهلك في نفس الوقت، ومع إصدار هواتف الـ5G ستحتاج الى عدد رقاقات أكبر لدعم هذه الميزة بالكامل، لكن بسبب حرب دونالد ترامب على الصين -خاصة هواوي- قامت الصين بشراء نسبة كبيرة من الرقائق بمبلغ 380 مليار دولار، ما يُعادل خمس وارداتها الإجمالية في عام 2020، لتأمين هواوي.
لحظة لم تنتهي المشاكل ففي مصنع Renesas المملوك لشركة AKM المصنع قد اُحترق وتوقف إنتاجه للرقائق بالكامل، وهو ينتج ثُلث الإنتاج العالمي لرقائق السيارات، السيارات ستبدأ بشراء الرقائق من موردين أخرى، لأن السيارات ومن 500 مليار دولار يتم صرفهم على الرقائق كل عام كل عام تشتري رقاقات بمبلغ 37 مليار دولار سنويًا، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بشركة Apple التي تشتري بمبلغ 56 مليار دولار سنويًا، لكن المبلغ لا يمكن تجاهله، دخول السيارات على الخط أيضًا سيزيد من الطلب، الإحصائيات لا تتجه ناحية انخفاض الأسعار. على الأقل لفترة كبيرة كما قلنا هناك زيادة في أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات بشكل عام.
جانب إيجابي
في ظل النقص الشديد من الرقاقات بدأت شركات السيارات بتقليل الإنتاج، في يناير 2021 أربعة شركات هم Ford و Toyota و Nissan و fiat و Volkswagen اعلنوا عن اغلاق بعض مصانعهم وتقليل الإنتاج لتقليل الطلب على الرقاقات، كما قامت شركة General Motors بإغلاق 3 مصانع لنفس الغرض، فيقل الطلب على الرقاقات، يقل الضغط على الرقاقات، فيتم إنقاذ الموقف نوعًا ما، شركات السيارات قد تخسر 61 مليار دولار بسبب هذه الأزمة. حتى فترة بسيطة ستخسر الشركات بعض الشيء مع زيادة أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات، وعندما تُحل الأزمة ستعيد الشركات انتاجها كما كان وستقل أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات من جديد.
الخلاصة والمستقبل
الفترة المُقبلة ستشهد تغير كبير في خطط الشركات، ستشهد زيادة في أسعار الهواتف المحمولة والإلكترونيات بعض الشيء لكن في منتجات ومنتجات، وستشهد اختفاء أجهزة أخرى كان مخططًا لها ان تصدر، الفترة المقبلة لن تكون فترة بسيطة على الهواتف المحمولة، حتى تعود المياه الى مجاريها، قبل كورونا كان هناك 1000 عامل في المصنع، الآن هناك 500 فقط، فحتى يعود الإنتاج الى مستواه الطبيعي سنعاني بعض الشيء مع الرقاقات الإلكترونية، واما ان يتم الغاء هواتف غير أساسية، او يتم تقليل الإنتاج بعض الشيء، او تزيد الأسعار بشكل عام على المستهلكين، هذا والله اعلم فلا ندري ماذا يخبأ لنا الزمن مستقبلًا، لكن الأكيد انه اذا عادت مستويات الإنتاج ستُحل هذه الازمة، نحن في الانتظار.