شركات الربح السريع انتشرت الفترة الماضية تعطيك أمالًا كبيرة في أرباح عالية جدًا بدون أي مجهود منك، استثمر 1000 جنيه ستحصل على 1500 خلال اسبوع، ادعو الناس لتكسب أموالًا عن طريق كل مستخدم جديد، وغيرها من الوعود الغريبة التي لا يصدقها عقل، في النهاية تجد العديد من الناس يخبرونك بأنهم تربحوا من المواقع هذه او من الشركات هذه، وبالفعل تجد لديهم أرباح فعلية، تجده قد كسب 500 جنيه او 1000 جنيه في أسبوع واحد فقط من الموقع وسحب المال فعلًا، اين المشكلة؟ سنشرح لك ما هي المشكلة وكيف تُعد شركات الربح السريع أحد فخاخ الأموال، هل شركات الربح السريع سيئة؟ مقالنا حول شركات الربح السريع وكيف تعد وعودًا قوية على أن تكون حقيقية.
ما هي شركات الربح السريع
فكرة شركات الربح السريع هي شركات تعتمد على استثمارك بها، بأن تدفع لها أموال ومن ثم تحصل على عائد ربحي نتيجة لهذه الأموال، وبنسبة مرتفعة جدًا، قد يكون الربح يساوي 50% مما دفعته، أي أنك ستدفع 1000 جنيه وستحصل على 1500 جنيه، استثمر أكثر تحصل على أموال أكثر، معادلة بسيطة وسهلة ادفع بعض المال واحصل عليه بزيادة بعد فترة بسيطة، ماذا تفعل الشركة؟ هي تستثمر هذا المال في مكان آخر لا يهمك ما هو هذا المكان ولا يهمك في أي مجال يتم استثماره ولن تحصل على أي معلومات بخصوص هذا الشأن، وهنا تكمن المشكلة، ما مصدر هذا الربح؟
الوضع تطور بعد ذلك صارت مصادر الربح معروفة بأن الشركة تقوم بالتعدين، انت تدفع المال للشركة والشركة تقوم بتعدين عملة ما لا أحد يعلم ما اسم هذه العملة الإلكترونية ومنها تربح المال، لكن ان كان ربح التعدين سهلًا هكذا لماذا تعيش الشركة على أموال الآخرين وتعطيهم ربح، أعني طالما ان التعدين سهل وربحه سهل لماذا لا استثمر “كرئيس للشركة” وقتي في زيادة سرعة التعدين الخاصة بي مع الوقت وفي خلال عام مثلًا سأربح أضعاف ما يمكن ان اربحه من استثمار المواطنين في شركتي، فلماذا أشارك ربحي مع المواطنين ومع الناس؟ من طيبة قلبي؟
الفكرة وراء شركات الربح السريع
حقيقة شركات الربح السريع ليست في أنها “تستثمر” نقودك فعلًا، بل هي تطبيق لفكرة “المستريح” التي ظهرت في مصر منذ فترات طويلة، وكان المستريح هذا شخص عادي مثله مثلك مثلي، يأخذ منك المال بحجة انه سيقوم باستثماره ومن ثم يأخذ من غيرك ومن غيرك ومن غيرك، فلنقل انه وعدك بمكسب 500 جنيه بعد أسبوع إضافة الى مالك، سيقوم المستريح بإعطائك ما دفعته و500 جنيه من ما دفعه شخص آخر، ويكرر الأمر على نطاق واسع، فتثق به انت وغيرك ثم تكرر عملية الإيداع، وهكذا تستمر هذه الدائرة، حتى يكون اجمالي المال لدى المستريح كبيرًا ومغريًا له فيترك البلاد بلا أثر وبلا رجعة، هو لم يستثمر أي من الأموال بل كان يسرق من شخص ويعطي الثاني حتى يُعيد الثاني استثماره فيه وهكذا، فيسرق من كل هؤلاء الناس أموالهم بدون أي مجهود وهو مستريح على أريكته.
الآن الأمر تطور فبدلًا من شخص يُسمي نفسه بهذا الاسم ويحتال على الناس بشكل مباشر صار الأمر عبارة عن شركات وموظفين وجدول كبير من العمل والخطوات العديدة، بدلًا من ان تذهب لتودع مالك عند شخص ما انت تشترك في تطبيق او في موقع وتحول الأموال عن طريق تحويلات بنكية او محافظ الكترونية مثل فودافون كاش، الأمر يبدو رسميًا وأكثر ثقة وكالمعتاد تجد نفسك تتربح قليلًا فتزيد من وديعتك، مرة والثانية والثالثة حتى تضع مبلغًا كبيرًا جدًا وفجأة تختفي الشركة ويختفي الموقع وتختفي اموالك في الهواء.
أمثلة على شركات الربح السريع
لدينا مثالين مشهورين جدًا هذه الفترة، المثال الأول تطبيق الرمال البيضاء، White sands، الذي ظهر في أكتوبر 2021 ورُوج له من قبل العديد من المستخدمين، بل انه وصل الى مشاهير الانترنت حول مصر والـyoutubers وكل من لهم تأثير على المتابعين، كلهم روجوا للتطبيق، وكلهم تحدثوا عن ايداعك للأموال ومن ثم استلام الأرباح، حتى ان مدير التطبيق أنشأ مجموعات فيسبوك وروج لطريقة التسجيل وسحب الأموال، وكان كل من هب ودب يشترك في التطبيق، وبالفعل هناك من تربح من التطبيق وحصل على أموال عديدة بالفعل، ومن ثم ماذا حدث؟ اختفوا، اختفت الأموال، خسر كل الناس أموالهم ومن كسب منهم فقد كسب مبالغ بسيطة وهرب او كما يظن ذلك، لكن الفكرة هنا ليست فقط في ان تفوز وتهرب بالمال، سنضع هذه النقطة للنقاش في وقت لاحق في المقال.
المثال الثاني قريب جدًا وهو شركة Hoggpool التي قامت على نفس فكرة التعدين، انت تستثمر في شركة تقوم بتعدين عملة رقمية ما لا تعلم ماهيتها ويعود اليك الربح أيضًا، لكن بالطبع كعادة كل هذه الشركات اختفت Hoggpool ومعها 6 مليارات جنيه مصري، انا اكتب هذه الكلمات بعدما قرأت انه تم القبض على أكثر من 20 شخص من هذه الشركة كانوا يقومون بعملية الاحتيال هذه، لكن أريدك ان تتخيل الرقم 6 مليارات جنيه في فترة بسيطة وبالاحتيال، كم شخص فقد أموالًا طائلة من أجل هذه العملية، كم هو مبلغ صعب وكبير جدًا، وفي النهاية هي عملية احتيال.
لماذا لا أشارك لأربح قليلًا ومن ثم أترك شركات الربح السريع تمامًا؟
لنقل ان الشركة في بدايتها، وقررت انت ان تستثمر 50 الف جنيه بربح 50% بها، وبالفعل حصلت على 75 الف جنيه منهم 25 الف ربحك الخاص، فقررت ان تستثمر نفس المبلغ من جديد، فيصبح لديك 112.5 ألف جنيه، لقد ربحت 62 ألف جنيه من هذه الحركة، يمكنك ان تستثمر الـ112 الف جنيه ويصبح لديك 168 الف جنيه بعدها، ومن ثم تنسحب، فعليًا لقد حصلت على 118 ألف جنيه كربح، لكنك أخطأت هنا في كل هذا، أولا كلما زادت مشاركاتك كلما تعرضت وزاد خطر خسارتك الكثير من الأموال، المخاطرة تزداد بزيادة المشاركات في شركات الربح السريع، لكني لا أهتم هنا بأن تخسر او تكسب في الواقع انا لا أهتم ولا أرشح لك ان تشارك في هذا الأمر نهائيًا ولن أشعر بأي شفقة تجاهك ان خسرت مالك من هذه الشركات، وذلك للإجابة الثانية على السؤال المطروح في هذه الفقرة.
نوع الربح الذي تحصل عليه هنا من شركات الربح السريع يجعلك تُذنب امام الله عز وجل ذنبين كبيرين، أولهما هو احتيالك على غيرك، مشاركتك في عملية الاحتيال هذه تجعلك شريكًا للمحتالين حتى وان كنت أحد الضحايا المحتملين، انت كالفقرة السابقة كسبت 118 ألف جنيه، هذه ليست أموالك يا صديقي بل أموال أشخص آخرين خسروها بسبب احتيال تلك الشركة المزعومة عليهم، انت تحمل مالًا مسروقًا مما يجعلك شريكًا في هذه السرقة، الذنب الثاني والذي لن تستطيع تحمله هو دخولك في ذنب الربا، انت تكسب المال بدون وجه حق وبدون مجهود، تجلس تشرب كوب الشاي الخاص بك وتجد نفسك تربح الأموال، هل هذه من شركة بنيتها؟ لا، هل هذا من مشروع ساهمت فيه؟ لا، هل هناك ما يدلل على نظافة هذا المال من الربا؟ لا، فأنت تربح المال من الربا للأسف وهو ما يُفسد مالك ويُخسرك ما تربح، وهنا أتركك تدافع عن نفسك، انت لا تعلم ان كان هذا المال ربا ام لا فكيف تكون قد وقعت في الخطأ، اريد ان اسألك هل تحريت عن مصدر المال؟ ان كانت اجابتك نعم فبالتأكيد لديك شك انه من الربا فتقع بالذنب، ان كانت اجابتك بلا فأنت وقعت في ذنب آخر انك لم تتحرى حلال مالك ولم تتحرى كون مصدر ربحك هذا سليمًا ام لا، لديك 3 ذنوب مختلفة تشترك في 2 منهم بمجرد ان تشترك في هذه الشركة.
كيف لا أقع في هذا الفخ
عقلك قبل قلبك يا صديقي، شركات الربح السريع تستهدف ان تبهرك بما تعطيك من امتيازات، مثل التسويق الشبكي، اليوم تدفع 1000 جنيه وغدًا يصبح معك 2000، ادفعهم ليصبحا 4000، وبمعادلة رياضية تصبح مليونيرًا في أيام عديدة، الأمر إيجابي وزهري جدًا، لكن كيف ذلك؟ لا يخصك انت ستربح المال لا تهتم بالإجراءات الأخرى، الأمر يبدو جيدًا جدًا، وعود مثيرة وجميلة على ان تكون حقيقية، وماذا بعد؟ لا شيء، تخسر كل شيء، اجعل عقلك يدرس الأمر بهدوء قبل ان تتحرك اول خطواتك قبل هذه الأمور، ما ان يحكمك عقلك ويخبرك بالخطأ ستخرج من دائرة الوقوع في الاحتيال، لا تصدق ذلك الشخص على يوتيوب الذي يخبرك تعالى لأخبرك كيف تربح مليون جنيه في نصف ساعة فقط، فلتربحهم انت يا من تصنع المحتوى، لا تصدق ذلك الذي يخبرك بأن تدرس مجالات معينة لتصبح من أثرياء الكوكب، لماذا لا يزال ذلك الشخص يجلس معك على نفس المقهى يطلب منك ان تدفع لأنه مفلس؟ نعم التعلم شيء رائع وان تدخل مجالات عديدة أمر ممتاز، ستنجح في مجال وتفشل في آخر، وستصل الى مجال يجعلك تعيش حياة جيدة، لكن هل ستربح مليون جنيه لأنك تمنيت ربحهم؟ ستحتاج الى الكثير من الوقت، لن يحدث ذلك في ليلة وضحاها، فلا تصدق أي وعد جميل جدًا على أن يكون حقيقي.
شركات الربح السريع موضة جديدة من الاحتيال
لا أريد ان احبطك يا صديقي لكن الأرباح الزائفة معروفة، الحياة ليست وردية، فرصة ان تربح مليون جنيه في شهر ليست سهلة وليست سريعة كما تظن، لقد تعبنا من رسائل التوظيف المزيفة من امازون التي كانت تعدك بألف والفين جنيه في اليوم، الآن الناس يلجؤون لوسائل احتيال مختلفة طمعًا في الربح السريع، لكن ما فائدة الربح السريع ان لم يكن حلالًا؟ تحرى مصدر مالك، تحرى مصدر ربحك، تحرى كل شيء تربح منه، لا تتعجل الحلال فتقع في الحرام، فصدقني يا صديقي يمكنك ان تعيش كملك الملوك بمال حرام وتعتاد على الرفاهية والعيشة الجميلة الرائعة، لكن هذا ليوم او اثنين، بعدها سينقلب عليك الحرام وستعيش باقي عمرك اما بدون المال، او معك المال الذي لا تستطيع ان تنعم به، ابتعد عن شركات الربح السريع المزيفة هذه وتحرى مصادر رزق حلال، هذا والله اعلى واعلم.