شهدت أسعار الذهب انخفاضًا حادًا يوم الاثنين (5 أغسطس)، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ 10 يوليو، حيث فقدت أكثر من 100 دولار للأونصة. جاء ذلك بالتزامن مع انهيار أسواق الأسهم العالمية، الذي بدأ بأسوأ أداء يومي على الإطلاق في بورصة طوكيو.
بدأت أسعار تداول الذهب عند 2469 دولار للأونصة في الساعة 3 مساءً يوم الجمعة (2 أغسطس)، لكنها انخفضت بنسبة 1.2% لتصل إلى 2364 دولارًا قبل أن ترتفع إلى 2390 دولارًا وسط تراجع الأسواق الأوروبية والأمريكية، مما ساعدها على استعادة نصف خسائرها تقريبًا.
كما تراجعت قيمة المعدن الأصفر بالين الياباني بنسبة 5.9% لتصل إلى أدنى مستوى لها في أربعة أشهر عند 10840 ين للجرام، حيث واصلت العملة اليابانية مكاسبها من أدنى مستوياتها في أربعة عقود لتصل إلى أعلى مستوى لها في سبعة أشهر مقابل الدولار الأمريكي.
العوامل المؤثرة على أسعار الذهب
تراجع سوق الأسهم اليابانية للجلسة الثالثة على التوالي يوم الاثنين، بعد قرار البنك المركزي في طوكيو برفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ 15 عامًا. سجل مؤشر نيكاي 225 خسائر بأكثر من 13%، وهو أسوأ أداء يومي منذ “الاثنين الأسود” في 1987.
أحد المحللين أشار إلى أن السبب الرئيسي لارتفاع السوق اليابانية بقوة خلال العامين الماضيين كان ضعف العملة اليابانية. وبلغ مؤشر نيكاي 225 ذروته في فبراير الماضي، متجاوزًا الرقم القياسي الذي سجله في 1989 قبل انفجار الفقاعة المالية، في حين انخفض الين الياباني بأكثر من 12% هذا العام.
تبع ذلك استمرار تراجع أسهم التكنولوجيا الأمريكية، حيث انخفض مؤشر ناسداك المركب بأكثر من 10% عن أعلى مستوياته التي سجلها قبل ثلاثة أسابيع فقط. افتتح ناسداك يوم الاثنين منخفضًا بنسبة 4.3% بعد أن أظهرت البيانات الصادرة في نهاية الأسبوع أن شركة بيركشاير هاثاواي، المملوكة من قبل وارن بافيت، حققت أرباحًا في شركة الهواتف الذكية العملاقة أبل خلال الربع من أبريل إلى يونيو، مما دفعها لتخفيض حصتها إلى النصف.
انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 3.5%، بينما تراجع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 3.2%، وهو أدنى مستوى له منذ فبراير. كما تأثرت أسعار الذهب باليورو والجنيه الإسترليني، حيث انخفضت بنسبة 3.5% و2.7% على التوالي.
في الوقت نفسه، تراجعت أسعار الفضة بنسبة 5.8% لتصل إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر عند 26.93 دولار للأونصة. وعلى الرغم من التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط، واصلت العقود الآجلة للنفط تسجيل خسائرها بسبب مخاوف الركود في الولايات المتحدة، التي تعد أكبر مستهلك للنفط في العالم.
استمرار الطلب القوي على الذهب
على الرغم من الانخفاض، لا يزال الذهب مرتفعًا بنسبة 18% منذ بداية العام. يأتي هذا الارتفاع مدعومًا بتوقعات بأن البنك المركزي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة قريبًا. عادةً ما يتعزز الذهب من خلال التيسير النقدي، لأنه لا يدفع فوائد.
تشمل العوامل الأخرى التي تدعم أسعار الذهب زيادة المشتريات من البنوك المركزية والمستهلكين الصينيين، بالإضافة إلى الطلب على الملاذ الآمن بسبب الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا.
لقد أثرت التقلبات المتزايدة، والمخاطر الجيوسياسية، ومخاوف الركود، وتوقعات خفض أسعار الفائدة على مستويات الذهب الحالية. بعد تداول الذهب بحوالي 2000 دولار للأوقية من أبريل 2023 إلى فبراير 2024، ارتفعت الأسعار إلى أعلى مستوى قياسي عند 2420 دولارًا في مايو قبل أن تتراجع إلى 2350 دولارًا في يونيو، لكنها عادت لتسجل أعلى مستوياتها في يوليو عند 2485 دولارًا.
كما دفع شراء الذهب من قبل البنوك المركزية، خصوصًا في الصين، الأسعار إلى الارتفاع. تمثل البنوك المركزية نحو ربع الطلب على الذهب، ومن المتوقع أن تصل مشترياتها إلى مستوى قياسي يبلغ 1100 طن هذا العام.
مع استمرار التوترات الاقتصادية العالمية، من المتوقع أن تظل أسعار الذهب مرتفعة في عام 2024، بمتوسط 2312 دولارًا للأوقية. ومن المتوقع أن يستمر الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي في خفض أسعار الفائدة، مما سيعزز من جاذبية الذهب كاستثمار آمن.
الاستثمار في الذهب في عام 2024
حقق الذهب أول ارتفاع قياسي جديد له في عام 2024، ومع استمرار احتمال حدوث ركود اقتصادي وتراجع القوة الشرائية للدولار، يتجه المستثمرون بشكل متزايد نحو الذهب للتحوط من التضخم.
مع تزايد التوترات العالمية، يصبح الذهب خيارًا منطقيًا كاستثمار في عام 2024. تخصيص نسبة صغيرة من المحفظة لأصول الذهب يمكن أن يوفر استقرارًا في ظل الأوقات العصيبة.