عندما قررت الحكومة الأمريكية فرض العقوبات الاقتصادية على العملاق الصيني هواوي تكنولوجيز توقع الجميع أن استثمارات هواوي انتهت تماماً ولن تنهض مجدداً، وهذا ليس فقط في قطاع الهواتف المحمولة بل أيضاً في جميع قطاعات الاتصالات.
ولكن صمود هواوي يخجل العالم ويثبت للجميع أن البرمجيات الأمريكية والقطع الأمريكية ليست الطريقة الوحيدة لتقديم منتجات تقنية ممتازة، بل وتمكنت الشركة من الحفاظ على مكانتها في أسواق تداول الأسهم العالمية بالرغم من العقوبات الشرسة الموقعة عليها.
حيث قامت هواوي يوم 22 أكتوبر الماضي في حفل عالمي مباشر بإطلاق سلسلة هواتف Mate 40 الجديدة التي تدعم تقنيات 5G المتميزة، هذا الاطلاق يعتبر بمثابة تحدي مباشر للسياسات الأمريكية فيما يتعلق بهواوي، فالشركة لم تكتفي فقط بإطلاق هواتف متوسطة بل تستمر في إطلاق هواتف رائدة تنافس بشراسة جميع المنتجات الأمريكية.
هاتف Mate 40 هو أحدث ما تحتويه سلسلة هواتف هواوي الذكية والتي تأتي بعدسات Leica الرائدة.
العائلة الجديدة تضم أربعة هواتف ذكية رائدة وهي من الأقل للأعلى :
- Mate 40
- Mate 40 Pro
- Mate 40 Pro PLus
- Mate 40 RS Porsche
أكثر وصف مقنع لهذه السلسلة هو ذاك الذي قاله السيد ” ريتشارد يوتشنغ دونغ ” الرئيس التنفيذي لمجموعة هواوي للأعمال الاستهلاكية أثناء إطلاق الهواتف عبر الانترنت، حيث وصف عائلة Mate 40 بأنها تجمع أكثر التقنيات إثارة معاً في حزمة واحدة مذهلة للغاية.
هواوي تعمل تحت ضغوط شديدة :
تعتمد هواوي على معالجها الخاص Kirin 9000 وهو الشريحة المركزية الخاصة بالشركة والتي عملت على تطويرها محلياً لمقاومة المقاطعة الأمريكية.
تعتبر شريحة Kirin 9000 واحدة من أوائل الشرائح التي تعتمل على تقنية 5 نانومتر 5G في العالم وتمتلك أكثر من 15.3 مليار ترانزستور لزيادة كفاءة الطاقة لتحسين الذكاء الاصطناعي الخاص بالجهاز.
قال الرئيس التنفيذي للشركة أن هواوي لا تزال تعمل في وقت صعب للغاية بسبب الحظر الأمريكي الذي يحاول جاهداً قطع إمداد الشركة من الرقائق المتقدمة والمكونات الازمة لتصنيعها.
وصل الأمر أن الحكومة الأمريكية طالبت موردي الرقائق والشرائح الأجانب الذين يستخدموا تقنيات أمريكية في تصنيع هذه الشرائح الحصول على إذن خاص من الحكومة وترخيص خاص لبيع الشرائح لشركة هواوي ومقرها مدينة Shenzhen بسبب المخاوف الأمنية.
تحاول واشنطن جاهدة خنق الشركة قدر الإمكان وتقليل إمكانية تصنيع الشرائح والهواتف الجديدة ومنعها من الحصول على أي شرائح الكترونية مطورة بتقنيات أمريكية.
أضاف أيضاً السيد يو أن هواوي تتمتع بسمعة ممتازة من ناحية الأمن السيبراني وحماية خصوصية المستخدمين على مدار الثلاثين عاماً الماضية ومهما كانت الأوقات والعقوبات صعبة فإن الشركة ملتزمة تماماً بتقديم ابتكارات جديدة ورائدة.
تتوقع الشركة نجاحاً كبيراً لسلسلة Mate 40 تحديداً في الصين ولكن التخوف الوحيد أن العقوبات الأمريكية قد تقلل من إنتاج الهواتف التي تعمل بشرائح Kirin الخاصة بالشركة.
مع الأسف فإن رقائق أشباه الموصلات مكون أساسي للهاتف الذكي ولا يمكن للهاتف أن يعمل بدونها، كانت هواوي تمتلك مخزوناً سابقاً من هذه الشرائح.
مخزون هواوي من شرائح أشباه الموصلات سيفذ في مارس أو إبريل عام 2021 ولهذا قد يكون هاتف Mate 40 آخر هاتف ذكي رائد يستخدم شرائح Kirin قبل أن تضيق الحكومة الأمريكية الخناق على هواوي.
مميزات هاتف Mate 40 :
يمكك التحكم في هواتف Mate 40 Pro و Pro Plus دون استخدام اليدين عن طريق الإيماءات الذكية، لكن هاتف Pro Plus يمتلك نظام كاميرا مزدوج للتقريب حيث يتيح التقريب حتى 20 مرة أقرب بصرياً و100 مرة أقرب رقمياً.
من المميزات الرائدة أيضاً في نسخة Mate 40 RS هو مستشعر حرارة ” ترمومتر ذكي ” يمكنه استشعار درجات الحرارة ما بين 20 حتى 100 درجة مئوية على مسافة 1-3 سم من الهاتف.
تم عمل مجموعة من الاختبارات على مقياس الحرارة هذا وأثبت أنه يعطي نتائج دقيقة للغاية.
تعطل نمو هواوي بشكل كبير :
تعطل نمو إيرادات الشركة بشكل حاد خلال الفترة الماضية وتحديداً الربع الثالث من عام 2020 وهذا بالطبع سبب العقوبات الأمريكية.
بلغت أرباح الربع الثالث للشركة حوالي 217 مليار يوان أي ما يعادل 31 مليار دولار بارتفاع حوالي 3.7% من 209.5 مليار يوان عن العام الماضي وهي النسبة الأقل لنمو إيرادات الشركة.
منذ بداية العام وحتى نهاية الربع الثالث تمكنت الشركة من تحقيق حوالي 671.3 مليار يوان أرباح أي ما يعادل 98.57 مليار دولار تقريباً، يمثل هذا الرقم ارتفاع بنسبة 9.9% من 610 مليار يوان وهو أقل من العام الماضي الذي سجل نمواً في نفس الفترة يصل إلى 24.4%.
في الوقت نفسه تمكنت الشركة من تحقيق هامش صافي الربح بنسبة 8% للأشهر التسعة الأولى من عام 2020 وهو أقل من العام الماضي الذي تمكن من تحقيق حوالي 8.7% تقريباً.
تسببت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بشركة هواوي بضرر بالغ لها في العام الماضي، حيث وضعت واشنطن الشركة في القائمة السوداء للتصدير والتي تعرف باسم قائمة الكيانات، كما قامت شركة جوجل بقطع علاقتها معها الأمر الذي منع الشركة من تشغيل برامج جوجل والاندرويد على هواتف وهو الذي أثر بشكل كبير على بيع الهواتف الذكية خارج الصين.
لم تحدد الشركة بعد نسب الأرباح الخاصة بكل قطاع ولكنها قالت بأن قطاع الهواتف الذكية والأجهزة الاستهلاكية الأخرى هي المسؤولة عن انخفاض أرباح الشركة.
وأضافت الشركة أن هذه الأرباح جاءت متسقة ومطابقة للتوقعات التي تم تقديمها خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2020، تابعت الشركة قائلة بأنه في الوقت الذي كان العالم يحارب فايروس كرونا، واجهت سلاسل التوريد العالمية للشركة مجموعة أقسى من الضغوط بالإضافة إلى كون عمليات الإنتاج أصبحت صعبة للغاية.
أضافت الشركة بأنها ستقوم ببذل الكثير من الجهد للتوصل إلى حلول سلمية للبقاء والمضي قدماً والوفاء بتعهداتها أمام كل عملاءها ومورديها.
ستدخل هواوي في الفترة القادمة منعطفاً تاريخاً صعباً للغاية، حيث تهدد الولايات المتحدة الأمريكية بقطع إمداد الشركة من شرائح أشباه المواصلات من شركة TSMC حيث يقول المحللون إن هذا قد يشل أعمال الهواتف الذكية وسيكون للشركة خيارات قليلة جداً للإفلات من هذه العقوبات.